ثبات سنن الله في كونه ونصر عباده

**

الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟/ وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام/ الفتن ونهاية العالم /المقحمات ا.قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية / مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها عياذا بالله الواحد. /لابثين فيها أحقابا /المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر /أُمَّاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما/ ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا /مدونة تخفيف

الخميس، 7 أبريل 2022

الموسوعة الكونية الكبرى - وفق أحدث الدراسات الفلكية والنظريات العلمية - المكتبة العصرية لماهر أحمد الصوفي


الموسوعة الكونية الكبرى - وفق أحدث الدراسات الفلكية والنظريات العلمية - المكتبة العصرية لماهر أحمد الصوفي 
وصف الكتاب


الموسوعة الكونية الكبرى" تشتمل في أجزائها العشرين على علوم جمعت أكثر من خمسين علماً فصل القول فيها على ضوء:
1- كتاب الله تعالى.
2- سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3- من كبار المفسرين لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. 4-من العلوم والمعارف الإنسانية وفق أحدث النظريات العلمية الحديثة.
4- من الموسوعات العالمية والإسلامية والعربية.
5- من الموسوعات الشخصية لكبار الكتاب والمؤلفين المعاصرين.
6- كبار المفسرين والعلماء والباحثين والمفكرين.
7- وقد استمدت هذه الموسوعة الآراء والأفكار من 269 عالماً وباحثاً في شتى العلوم والمعارف الإنسانية.
وقد تحدثت هذه الموسوعة عن خلق الكون، والأرض، ونشأة الحياة، وخلق الإنسان، والحيوان والطير والحشرات، والنبات، والنوم، والرؤى، والأحلام، وتحدثت عن الإعجاز في الأرض، والجبال، والبحار، والفضاء، وكذلك تحدثت عن الإعجاز التشريعي والغيبي، والرقمي، واللغوي، وآيات الله في الرياح، والمطر، والبراكين.
قدم لها : محمد سعيد البوطي وغيره
الناشر : المكتبة العصرية - بيروت
الطبعة : الأولى
سنة النشر : 2008م
حجم الموسوعة : 145 ميجا
عدد الأجزاء : 20 جزءا في 13 مجلدا 
روابط التحميل





==============

السنن الكونية {خطبة} و كتاب من هو الله {جمع واعداد ام شهاب هالة يحيى صادق}

من موقع ملتقي الخطباء

الخطبة الأولى:
الحَمدُ للهِ صَنَعَ الكَونَ فَأَتْقَنَهُ، وَأَنْشَأَهُ عَلَى سُنَنٍ فَأَبْدَعَهُ، نَحمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَنَشْكُرُهُ، وَنُثْنِي عَليهِ وَلا نَكفُرُهُ، وَنَشهدُ ألَّا إِلهَ إلَّا اللهُ وَحْدهُ لا شَريكَ لَهُ مَا فَرَّطَ فِي الكِتَابِ مِنْ شَيءٍ, وَمَا كَانَ رَبُّنا نَسِيًّا، وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا.
وَنَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ أَتْقَى النَّاسِ للهِ وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ, وَأَسْرَعَهُم رُجُوعَاً إليهِ, اللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ على النَّبِيِّ المُخْتَارِ وعلى آلهِ وَأَصحَابِهِ الأَبرَارِ, وَمَنْ تبعَهُم بِإحسَانٍ وَإيمَانٍ إلى يَومِ القَرارِ. وَعَنَّا مَعَهُمْ يا عَزِيزُ يا غَفَّارُ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقوا اللهَ عِبادَ اللهِ وَرَاقِبوه، وَاعلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ.
أَيُّها المُسلِمونَ: هَذا الكَونُ وَمَا حَوَاهُ مِن عَظِيمِ صُنعِ اللهِ، وَبَديعِ آيَاتِهِ، وَحَكِيمِ أَفْعَالِهِ يَسيرُ وِفْقَ سُنَنٍ رَبَّانيَّةٍ وَقَوَاعِدَ ثَابِتَةٍ, سُنَنٌ إلهِيَّةٌ فِي الأَنْفُسِ وَالآفَاقِ وَالمُجْتَمَعَاتِ والدُّوَلِ, سُنَنٌ كَونِيَّةٌ طَبِيعيَّةٌ، وَسُنَنٌ اجْتِمَاعِيَّةٌ، وَسُنَنٌ حَضَارِيَّةٌ اقْتِصَادِيَّةٌ، وَسُنَنٌ تَارِيخِيَّةٌ، وَسُنَنُ اسْتِخْلافٍ وَتَمْكِينٍ, فَتَأمَّلُوا قَولَ اللهِ فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) [فاطر: 43].
وَأعْظَمُ مَيْزَاتِ السُّنَنِ الإلهِيَّةِ أنَّهَا لا تُحَابِي أَحَدًا، ولا تُجامِلُ أَيَّ أمَّةٍ ولا دَوْلَةٍ! فَكُلُّ مَنْ حَقَّت عَلَيهِ سُنَّةُ اللهِ جَاءَها الجَزَاءُ إنْ خَيْرَاً فَخَيرٌ وَإنْ شَرَّاً فَشَرٌّ! (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [الأنفال 51].
انْتَصَرَ المُسْلِمُونَ في بَدْرٍ مَعَ أنَّهْم قِلَّةٌ وَأَذِلَّةٌ لكِنَّهُم اتَّقُو رَبَّهُمْ وَصَبَرُوا! وَعَصَى الرُّماةُ أَمرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَهُزِمُوا فِي أُحُدٍ، مَعَ أَنَّهُم كَانُوا عَلَى الحَقِّ! إلَّا أَنَّ سُنَنَ اللهِ تَعالى لا تُحَابِي أَحَدًا!
أيُّها المُؤمِنُونَ: الغَافِلُون عَن السُّنَنِ الإلهِيَّةِ، المُعَانِدُونَ لَهَا سَوفَ تَفْجَؤُهُم الأَحْدَاثُ، وتحِقُّ عليهم الْمَثُلاتُ, وَسَيعُضُّونَ أَصَابِعَ النَّدَمِ، قَالَ تَعَالى: (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ) [غافر: 85].
أُمَّةَ الإسْلامِ: لَقَد بيَّنَ اللهُ لَنا السُّنَنُ وَأَمَرَنا سُبْحَانَهُ أَنْ نتَفَكَّرَ فِي الآيَاتِ وَالنُّذُرِ، لِكَي نَصْحُوَ مِنْ الغَفْلَةِ, ولِتَقُومَ عُقُولٌ نَاضِجَةٌ مُدْرِكةٌ لِقِيَادَةِ المُجْتَمَعِ الإسلامِيِّ تُدْرِكُ مَآلاتِ الأُمُورِ, وَتُبْعِدُ الأُمَّةَ عَنْ مَوَاطِنِ السُّقُوطِ والخَنَا والفُجُورِ! فَاللهُ قَدْ أمَرَنَا وَحَذَّرَنا فَقَالَ: (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) [آل عمران : 137]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [النساء: 26].
عِبَادَ اللهِ: مِنْ سُنَنِ اللهِ تَعَالى قَولَهُ: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) [الإسراء: 16].
عُقُوبَاتٌ مُرَوِّعَةٌ لِمَعاصٍ ظَاهِرَةٍ وَبَاطِنَةٍ! تَدْعُو كُلَّ مُؤمِنٍ لِوَقْفَةِ مُحَاسَبَةٍ! (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 99]. كَمْ أَرْضَاً كَانَتْ تَنعَمُ بِأَمْنٍ وَرَغَدِ عَيشٍ، يَأَتِيها رِزقُهَا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ؟ فَمَا كَانَ مِنْهُمْ إلاَّ أنَّهُمْ اجَتَرَؤوا عَلى مَحَارِم اللهِ فَانْتَهَكُوها وَأعْلَنُوهَا, فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ.
ألا تَعْلَمُونَ عِبَادَ اللهِ أنَّ رَغَد العَيشِ، وَسَعَةَ الرِّزقِ، قَدْ يَتَحَوَّلُ بِأَمْرِ اللهِ فِي طَرفَةِ عَينٍ؟! اسْألوا الآبَاءَ والأجْدَادَ عَنْ حالِ أهْلِنا في نَجْدٍ هُنا قَبْلَ مِئَةِ سَنَةٍ, لَقَدْ نَفَاهُمُ الجُوعُ إلى الهِنْدِ والعِرَاقِ لِيَعْمَلُوا هُناكَ! فَكيفَ أصْبَحَتْ تِلْكَ البِلادُ وَكَيفَ أَصْبَحْنَا الآنَ؟ ولا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ تَعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ).
إنَّها سُنَّةُ اللهِ تَعَالى في كُلِّ مَنْ عَصَاهُ وَعَطَّلَ شَرِيعَتَهُ وَحَرَّفَهَا! قَالَ تَعَالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [البقرة: 85].
إشَاعَةُ الْفَاحِشَةِ فِي الَّذِينَ آمَنُوا عَبْرَ قَنَواتٍ هَابِطَةٍ, وَالتَّطَاوُلُ على دِينِ اللهِ، وَإلحَادٌ يُجَاهَرُ بِهِ دُونِ حَسِيبٍ ولا رَقِيبٍ, اِنْتِشَارُ الظُّلمِ فِي المُجْتَمَعَاتِ، مِنْ أسْبِابِ العُقُوباتِ والهَلاكَاتِ، يَقُولُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ".
فُشُوُّ الرِّبَا وانتِشَارُهِ بِحِيَلِهِ وَطَرَائِقِهِ سَبَبُ عُقُوبَةٍ لِلمُجْتَمَعَاتِ والدُّولِ، نَعَمْ لَقدْ أعْلَنُوا حَرْبَاً عَلى اللهِ، فَلَهُمُ اللعْنَةُ والعَذَابُ الأليمُ. أَلَيس تَرْكُ الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهيِ عَن المُنْكَرِ وَإِضْعَافُهُ سَبَبٌ لِلعُقُوبَاتِ وَتَطَاوُلِ أَهْلِ الرَّذِيلَةِ وَالفَسَادِ؟ صَدَقْتَ يَا رَسُولَنا حِينَ قُلْتَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ".
إنَّها دَعْوَةٌ لِلعُقَلاءِ والحُكَماءِ حُكَّامَاً وَمَحْكُومِينَ، لِلرُّجُوعِ للكِتَابِ المُبِينِ, والتَّمَسُّكِ بِهَدْيِ سَيِّدِ المُرْسَلِينَ, وَلْنَتَدَيَّرْ قَولَ اللهِ تَعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [الأعراف: 96]. فَيَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ وَيَعْقِلُونَ وَيَتَدَبَّرُونَ وَيَتُوبُونَ وَيَسْتَغْفِرُونَ!
فَالَّلهم لا تُؤاخِذْنَا بِذُنُوبِنَا وَلا بِمَا فَعَلَهُ السُّفَهَاءُ مِنَّا، ولا تُسلِّطْ عَلَينَا بِذُنُوبِنَا مَنْ لا يَخَافُكَ وَلا يَرْحَمُنا, عُمَّنَا بِالخَيرِ وَالأَمْنِ والأمَانِ وَالأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ. واكْفِنَا شَرَّ الفِتَنِ وَأسبَابَ العُقُوبَاتِ, وأستَغْفِرُ اللهَ لي وَلَكُم وِللمسلِمينَ مِن كُلِّ ذَنْبٍّ فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُو الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، نَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللهِ وَأَطِيعُوهُ، وَاشْكُرُوا نِعَمَهُ ولا تَعْصُوهُ، لَا تَنْقَطِعُوا عَنْ شُكْرُ الْمُنْعِمِ أَبَدًا , فَهُوَ القَائِلُ: (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النَّمْلِ: 40].
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: جَمِيعُ النِّعَمِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَيْهِ فَهُوَ سُبْحَانُهُ مَانِحُهَا وَمَانِعُهَا، وَالنِّعَمُ وَالنِّقَمُ مِنْ أَمْرِهِ النَّافِذِ، فَوَجَبَ أَنْ تُطْلَبَ النِّعَمُ مِنْهُ ابْتِدَاءً وَاسْتِدَامَةً وَزِيَادَةً, وَأَنْ تُدْفَعَ النِّقَمُ وَتُرْفَعَ بِدُعَائِهِ وَسُؤَالِهِ وَطَاعَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَمِنْ رَحْمَتِهِ سُبْحَانَهُ بِعِبَادِهِ أَنْ بَيَّنَ لَنا سُنَّتَهُ فِي النِّعَمِ وَالنِّقَمِ، أوضَحَهَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إِبْرَاهِيمَ: 7].
هَذِهِ سُّنَّةٌ رَبَّانِيَّةٌ عَظِيمَةٌ فَاسْتِدَامَةُ النِّعَمِ وَزِيَادَتُهَا مُرْتَهَنَةٌ بِشُكْرِهَا؛ كَمَا أَنَّ كُفْرَهَا يُؤَدِّي إِلَى زَوَالِ النِّعْمَةِ، وَنُزُولِ النِّقْمَةِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ: إِنْ شَكَرْتُمْ أُجِرْتُمْ لَا مَحَالَةَ، وَزَادَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى نِعْمَةً، وَإِنْ كَفَرْتُمْ مُنِعْتُمْ وَعُوقِبْتُمْ، وَعِقَابُ اللَّهِ شَدِيدٌ. وَهَذِهِ السُّنَّةُ الرَّبَّانِيَّةُ تَجْرِي فِي النِّعَمِ الْمَادِّيَّةِ وَالْمَعْنَوِيَّةِ، وَالنِّعَمِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ: فَمَنْ هَدَاهُ اللَّهُ إِلَى طَاعَةٍ، وَفَتَحَ لَهُ بَابًا مِنَ الْخَيْرِ، فَلَزِمَهُ وَلَمْ يُفَارِقْهُ، وَأَخْلَصَ فِيهِ لِرَبِّهِ, وَلَهَجَ بِحَمْدِهِ أَدَامَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَبَارَكَ لَهُ فِيهِ، وَزَادَهُ مِنْهُ فَوَجَدَ فِيهِ لَذَّتَهُ وَاُنْسَهُ!
ومَنْ فَتَحَ اللهُ بَابَ الذِّكْرِ فَلْيُدَاوِمْ عَليهِ, مَنَ فَتَحَ عليهِ بالصَّدَقَةِ فَلْيُكْثِرْ مِنْهَا, فإنَّ للجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أبْوَابٍ فَلْتَدْخُلْ مِنْ أيِّ بَابٍ شِئْتَ مِنْهَا!
عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكُ التَّثَبُّتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شَكَرَ نِعْمَتِكَ».
عِبَادَ اللهِ: وَمَنْ كَفَرَ نِعْمَةَ مَا هُدِيَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّاعَةِ، عُوقِبَ عَلَى كُفْرِهِ, بِضِيقِ صَدْرِهِ، وَقَسْوَةِ قَلْبِهِ، (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ). فَمَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْأَمْنِ والاسْتِقْرَارِ وَالْعَافِيَةِ، فَشَكَرَ اللَّهَ عليها وَلَمْ يَكْفُرْهَا، أَدَامَ اللَّهُ نِعْمَتَهُ وَثَبَّتَهَا، وَزَادَهُ مِنْهَا وَبَارَكَهَا!
وَأَمَّا مَنْ بَطِرَها وَاسْتَعْلَى بِهَا فَسُنَّةُ اللَّهِ جَارِيَةٌ عَلَيْهِ لَا مَحَالَةَ، بِسْلَبِ نِعْمَتِهِ، وَرفْعِ عَافِيَتِهِ، وَإحْلال نِقْمَتِهِ! (نَعُوذُ باللهِ مِنْ الحَوْرِ بَعْدَ الكَورِ). وهَذِهِ السُّنَّةُ الرَّبَّانِيَّةُ تَجْرِي عَلَى الْأَفْرَادِ والْأُمَمِ والدُّولِ؛ فَالْأُمَّةُ الشَّاكِرَةُ تَزْدَادُ نِعَمُهَا، وَيُبَارَكُ فِيهَا، وَالْأُمَّةُ الَّتِي تُقَابِلُ نِعَمَ اللَّهِ بِالمُجَاهَرَةِ بِالْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ أُمَّةٌ حَرِيَّةٌ بِسَلْبِ النِّعَمِ، وَحُلُولِ النِّقَمِ، وَاشْتِعَالِ الْفِتَنِ، وَتَوَالِي الْمِحَنِ؛ (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) [الْكَهْفِ: 59].
أيُّها المُؤمِنُونَ: المُسلِمُ الوَاعِي مَنْ يَفْقَهُ السُّنَنِ العَامَّةِ وَالخَاصَّةِ فَلا يُصادِمُهَا، يَنْظُرُ بِعَينٍ مُبْصِرَةٍ وَقَلْبٍ حَيِّ، فَيَعْظُمُ إيمَانُهُ بِربِّه؛ وَيُوقِنُ أنَّ الأُمورَ كُلَّهَا بِأسبِابِها وَمُسَبَّبَاتِها وَنَتَائِجِها بِيَدِ اللهِ وَحْدَهُ، فَهُوَ المُعِزُّ المُذِلُّ، الرَّافِعُ الخَافِضُ، البَاسِطُ القَابِضُ، المُعطِي المَانِعُ، مُقدِّرُ الأَقْدَارِ، وَمُصرِّفُ الأَكْوَانِ.
المُسلِمُ الوَاعِي يَعْلَمُ مِنْ خِلالِ السُّنَنِ الرَّبَّانيَّةِ أنَّ الحَيَاةَ لَيستْ عبَثًا وَلا هَمَلًا، فَمَنْ يَعمَلْ خَيرًا يُجزَ بِهِ، وَمَنْ يَعمَلْ سُوءًا يُجزَ به، وَاللهُ لا يُضيعُ أَجْرَ مَنْ أحْسَنَ عَمَلا!
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّموا على سَيِّدِ البَشَرِيَّةِ وَهَادِيهَا, نَبيِّنَا وَحَبِيبِنَا مُحمَّدٍ، فَإنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا, فَاللهمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِك عَلى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وعلى آلَهِ وَأَزْواجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَصَحَابَتِهِ أجْمَعِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإحسَانٍ إلى يَومِ الدِّينِ.
اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشركين, اللهم انصُر دينَك وكتابَك وسُنَّة نبيِّك وعبادَك الصالِحين, اللهم انصُر إخواننا المستضعفين في كل مكان، اللهم انصُرهم في فلسطين، وفي الشام، والعراق، وفي اليَمَن، وفي كل مكانٍ يا ربَّ العالمين.
اللهم وفِّقْ وُلاةَ أُمُورِ المُسلِمينَ عامَّةً, وَوَلِيَّ أَمْرِنَا خَاصَّةً لِمَا تُحبُّه وَتَرْضَاهُ، وفِّقهم لِمَا فِيهِ صَلاحُ البِلادِ وَالعِبَادِ، وَاجْعَلْهُم مِفْاتِيحاً للخيرِ مَغَالِيقَاً لِلشَّرِّ, اللهم انصُر إخوانَنَا المُجَاهِدِينَ وَالمُرَابِطِينَ عَلى الحُدودِ كُن لهم عَونًا ونصيرًا, ومُؤيِّدًا وظَهيرًا بقوَّتك يا قويُّ يا عزيزُ.
اللهم إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ، اللهمَّ اهْدِيَ ضَالَّ الْمُسْلِمِينَ، واَكْبِتْ أَعْدَاءَ الدِّينِ وَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ خَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ, ولَذِكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
============
 

من هو الله           

  جمع واعداد ام شهاب هالة يحيى صادق

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله  عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا أما بعد.

 لانستطيع أن نعلم مَن الله إلا مِن الله  ، وذلك عن طريقين اثنين :

الأول : التدبر فى آيات الله الشرعية المتلوة فى كتابه العزيز وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم .

الثانى : النظر فى مخلوقات الله وآياته الكونية .

سنجد فى هذين الطريقين ما ينطق بعظمة الله الخالق عز وجل ووحدانيته فى ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته  فإن كتاب الله إن تأملته يأخذك فى جولاتٍ وجولات ترتاد آفاق السماء وتجول فى جنبات الأرض والأحياء يريك عظمة الله وقدرة الله وتقديره فى المخلوقات ثم يكشف لك أسرار الخلق والتكوين ويهديك الى الحكمة من الخلق والتصوير ثم يقرع الفؤاد بقوله { ءإلهٌ مع الله  تعالى الله عمّـا يُشـركون } رحلة طويلة لكنها مع ذلك شائقة وجميلة تتحرك لها المشاعر وتستجيب لها الفطرة السليمة المستقيمة كما أنها تُنبّـه الغافل وتدمغ المُجادل .

وأما آياته الكونية : كل مافيها ينطق بوحدانيته سبحانه ، فالكون كتاب مفتوح يُقرأ بكل لغة ويُدرك بكل وسيلة يُطالعه ساكن الخيمة وساكن القصر ، كلٌ يُطالعه فيجد فيه زاداً من الحق إن أراد التطلع الى الحق .. فهيا معى نتعرف الى الله فى جولة أرجو ألا يستطيلها ملول وألا يستكثرها مشغول .

 

أولاً  ( أ ) من القرآن :

{ هو الذى أحسن كل شئٍ خلقـه } النمل 63

{ الله لا إله إلا هو الحى القيوم }  البقرة

{ هو الله الذى لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم . هو الله الذى لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يُشركون . هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى يُسبح له ما فى السموات والأرض وهو العزيز الحكيم } آخر الحشر .

وغير ذلك كثير جداً فى القرآن ...

     ( ب ) من السـُـنة :

عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : " لا إله إلاالله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم "  .. أخرجه البخارى ومسلم .

عن  ابن الزبير رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول دُبر كل صلاة حين يُسلّم : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله لانعبد إلا إيّـاه ، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " .

وعن أبى هريرة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى وإذا إضطجع : " اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شئٍ ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسى وشر الشيطان وشركه " .

 

النظر فى آيات الله الكونية ومخلوقاتـه :

يا أيها الماء المهـين من سـواكا              ومن الذى فى ظلمة الأحشاء قد والاكا

ومن الذى غـذاك من نـعمـائه               ومن الكـروب جميعهـا نجـّـاكـا

ومن الذى شـقّ العيون فأبصرت              ومـن الـذى بالعقـل قـد حـلاكـا

ومن الذى تعصى ويغفر  دائمـاً               ومـن الـذى تنســى ولا ينســاكا

 

عجائب خلق الله فى النوم :

هل تأملت النـوم يوماً ؟  أنت تعرفه وتمارسه كل يوم ، بل أن نصف عمرك أو أقل يذهب فيه ، وهو ضرورة لا غنى عنها بل إن حياتك مؤلفة من قسمين اثنين :

يقظة تبتغى بها فضل الله وفق شرع الله.

نوم تبتغى به الراحة لتعاود العمل فى طاعة الله .

قال تعالى : { هو الذى جعل لكم اللـيل لتسـكنوا فيه والنهار مُبصـراً إن فى ذلك لآياتٍ لقومٍ يسمعون } يونس 67 . فى النوم تتعطل وظائف الحس إجمالاً يتوقف البصر بإغماض الجفون وإن لم تغمض كما فى بعض الناس فإن الرؤية تكون مفقودة . والحاسة التى تبقى تعمل خلال النوم هى السمع .. فالنوم آية .. قال تعالى { ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن فى ذلك لآيات لقومٍ يسمعون } فجمع بين النوم والسمع فى سياق واحد . . وكما فى سورة الكهف { فضربنا على آذانهم فى الكهف سنين عدداً } أما الدماغ فلا ينام بالمعنى المفهوم ولكنه يتغير ، فبعد أن كان يبث على موجات عالية يصبح على موجات أقل تردداً  ، ولذا رُفع القلم عن النائم حتى يستيقظ لأن العقل مناط التكليف .

أيضاً هل تأملت نائمين متجاورين ودار بخلدك أن أحدهما ربما ينعم بالرؤى الصالحة ويود ألا يستيقظ الدهر كله مما يجد من لذة .. والذى يجاوره فى شقاء ويُعذب بالأحلام الشيطانية المزعجة يود لو لم ينم .. هل ساءلت نفسك هل يعلم هذا عن مجاوره ؟ أو يعلم ذاك عن هذا ؟ هل إستعظمت هذا ؟ !!

إن هناك ما هو أعظم وأكبر .. قال تعالى { لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون } غافر 57

 

عجائب خلق الله فى الجـنين :

هل تعلم أن للجنين نفسية لا ينفصل فيها عن أمه ، فتراه فى حالات إنكماش واكتئاب مرة ، وحالات إنشراح وانبساط أخرى ، فنجده مضطرباً حين تقع أمه فى أزمة إنفعال حادة كغضب أو تأثر جسدى كوقوع على الأرض أو إصطدام بشئ تبعاً لتأثر أمه بذلك ، وتجده هادئاً عندما تنصت أمه لسماع ما تستريح إليه النفس من قرآن وعلم دينى ، بل أنها حين تسمع صوت أبيه وتنصت له رأوه عن طريق أجهزة التصوير الضوئى كالمنصت له تبعاً لأمه .. والأعجب من هذا أنهم شاهدوا الجنين يتأذى ويبدى الإنزعاج  لبعض المخالفات الشرعية كالتدخين – عافانا الله وإياكم – فقد وجد الطبيب فى تجربة عملية أن الجنين هادئاً ساكناً وعند تدخين أمه لسيجارة وبمجرد إلتقاطها  وإشعالها أشار المقياس الى إضطراب الجنين تبعاً لإضطراب قلب أمه فسبحان الله الذى جعله فى وسط ظلمات ثلاث يتأذى مما تتأذى منه أمه وإن كانت هى لم تشعر بذلك .

 

عجائب خلق الله فى السـماء :

إن علماء الفلك يكتشفون من خلال تجاربهم ومراصدهم ومناظيرهم كل يوم ما يُدهش العقول فى هذا الكون الفسيح حتى قال مكتشف الجاذبية معبراً عن إكتشافه وضآلة ما إكتشفه بجانب ذلك الخلق العظيم : لست أدرى كيف أبدو فى نظر العالم ولكنى فى نظر نفسى أبدو وأنا أبحث فى هذا الكون كما لو كنت غلاماً صغيراً يلعب على شاطئ البحر فيلهو بين حين وآخر بالعثور على حجر أملس أو محارة بالغة الجمال فى الوقت الذى يمتد فيه محيط الحقيقة أمامى دون أن يسبر ( يكتشف ) أحد غوره .

وصدق الله : { وما أوتيتم من العلم إلا  قليـلاً } الإسراء 85 . لقد رأى أحبتى فى الله مجموعة النظام الشمسى وقد تألفت من مائة مليار نجم قد عُرف ، وعُرف منها الشمس ، وتبدو هذه المجموعة كقرص قطره 90 ألف سنة ضوئية وسُـمكه 5 آلاف سنة ضوئية ومع هذا البُعد الشاسع فإن ضوء الشمس يصلنا فى لحظات ،  وكذلك ضوء القمر . بل لقد رأى هناك مجموعات تكبرها بعشرات المرات أخص منها مائة مليار مجموعة تجرى كلها فى نظام دقيق بسرعة هائلة كلٌُ  فى مساره الخاص دون إصطدام { كلٌ يجرى لأجلٍ مسـمى } الزمر 5 . هذا الذى رآه ، وما لم يره أكثر ، فقد قال الله تعالى { فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون } الحاقة 38 و 39 ..

لذا أدعوك أن تخلو بنفسك دقائق فى ليل صفا أديمه وغاب قمره ثم تأمّـل عالم النجوم وأعلم أن ما تراه ماهو إلا جزء يسير من 100 مليار مجموعة عُرفت وكثير منها لم يُعرف كل منها فى مسار معين لا يختلط بغيره ثم انقل تفكيرك الى ما  بثـّـه الله فى السموات من ملائكته لا يُحصيهم إلا هو سبحانه فما من موضع أربع أصابع إلا ومَلَك قائم لله راكع أو ساجد يطوف منهم بالبيت المعمور كل يوم 70 ألف لا يعودون إليه الى قيام الساعة . . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنى أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون . أطّت السماء وحق لها أن تئـط مافيها موضع أربع أصابع إلا ومَلَك واضع جبهته ساجداً لله تعالى . والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً وما تلذذتم بالنساء على الفُرش ولخرجتم الى الصعدات تجأرون الى الله "  الصعدات : الصحارى .قال أبو ذر : والذى نفسى بيده لوددت أنى كنت شجرة الأرض – صححه الألبانى فى السلسلة الصحيحة رقم 5347 .

ثم أنقل نفسك وتجاوز تفكيرك الى بصيرة يسير بها قلبك الى عرش الرحمن ، وقد علمت بالنقل سعته وعظمته ورفعته ، عندها ستعلم أن السماوات بملائكتها ونجومها ومجراتها ومجموعاتها ، والأرض ببحارها وجبالها وما بينهما بالنسبة للعرش كحلقة ملقاة بأرض فلاة .. فلا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير .

 

تأمل خلـق الأرض :

تأمل هذه الأرض بينما هى هادئة ساكنة وادعة ، مهاد وفراش ، قرار وذلول ، خاشعة فإذا بها تعتز ، تتحرك  تثور ، تتفجر ،  تدمر ،  تبتلع ، تتصـدع ، زلازل ، خسف ، براكين ، تجدها آية من آيات الله ، وكم لله من آية يُخـوِّف الله بها عباده لعلهم يرجعون ، وهى مع ذلك جزاءً لمن حق عليه القول ، وهى أيضاً تذكير بأهوال الفزع الأكبر يوم يُبعثون ويُحشرون .

يذكر صاحب علوم الأرض القرآنية أنه قبل حوالى خمسة قرون ضرب زلزال شمال الصين عشر ثوان فقط : هلك بسببه 430 ألف شخص ، وقبل ثلاثة قرون ضرب زلزال مدينة لشبونة فى البرتغال لعدة ثوان هلك فيه 600 ألف شخص ، وأنفجرت جزيرة كاراكاتو فى المحيط الهندى قبل قرن فسُمع الإنفجار الى مسافة خمسة آلاف كيلو متر مربع وسجلته آلات المراصد فى العالم وتحولت معه فى ثوان جزيرة حجمها 20 كيلومتر الى قطع نثرها الإنفجار على مساحة مليون كيلومتر مربع وأرتفعت أعمدة الدخان والرماد الى 35 كيلومتر فى الفضاء وأظلمت السماء على مساحة مئات الكيلومترات حاجبة ضوء الشمس لمدة سنتين ، وأرتفعت أمواج البحر الى 30 متر فأغرقت 36 ألف نسمة من سكان جزيرتى جاوة وسومطرة . { وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هى إلا ذكرى للبشر } قال تعالى { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو من تحت أرجلكم } الأنعام 65 .. فنعوذ بالله أن نُغتال من تحتنـا ..

 

التأمـل فى خـلق الهـواء :

إذا تأملت ذلك وجدت آية من آيات الله الباهرة ، وقد حبسه الله بين السماء والأرض ، يُدرك ولا يُرى ، جعله الله مِلكاً للجميع ولو أمكن الإنسان التسلُـط عليه لباعه وأشتراه ولتقاتل مع غيره عليه كما فعل بأكثر الأشياء التى سخرها له المولى عز وجل وعلا ..

جعل الله الهواء بحكمته يجرى بين السماء والأرض ، والطير محلقة سابحة ، يحركه الله بأمره فيجعله رياحاً رخاء وبُشرى بين يدى رحمته فيه مبشرات ولواقح وذاريات ومرسلات ، ويحركه فيجعله                                                                                                                                            عذاباً عاصفاً قاصفاً فى البحر وعقيماً صرصراً فى البر ، تتوزع الرياح على سطح الأرض تحت نظام مُحكم فتلقح الأزهار ، فتبارك من جعلها سائقاً للسحاب تذروه الى حيث الله شاء .. فهل تأملت يوماً من الأيام سحاباً مظلماً قد إجتمع فى جو صاف لا كدر فيه وهو لين رخو حامل للماء الثقيل بين السماء والأرض حتى إذا  أذن له خالقه أرسل الريح تلقحه وتسوقه فينزل قطرة قطرة لا تختلط قطرة بأخرى ولا تدرك قطرة صاحبتها فتمتزج بها ، بل كل واحدة فى طريق مرسوم لها حتى تصيب الأرض التى عُيـنت لها لا تتعداها الى غيرها .. { وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون } الجاثية 5 .. هل تأملت هذا ؟ أحسب أنك تقول نعم ومعها لا إله إلا الله ..

 

التفكر فى عجائب البحـر :

إن لله فى البحر لآيات ، وأعلم أن الماء يملأ ثلاثة أرباع سطح الأرض ، فما الأرض بجبالها ومدنها وسهولها وأوديتها بالنسبة الى الماء إلا كجزيرة صغيرة فى بحر عظيم يعلوها الماء من كل جانب ، وطبعه العُلو لولا إمساك الرب سبحانه وبحمده له بقدرته ومشيئته لطغى على الأرض فأغرقها ودمرها وجعل عاليها سافلها ، فتبارك الله لا إله إلا هو رب العالمين ..

ذكر ابن القيم فى مفتاح دار السعادة : فى البحار حيوانات كالجبال لا يقوم لها شئ ، وفيه من الحيوانات ما يُرى ظهورها فيظن من عِظمها أنها جزيرة فينزل عليها الركاب ويُشعلوا نارهم ، فتحس بالنار إذا أوقدت فيُعلم أنه حيوان ..

ثم أنظر الى السفن وسيرها  فى البحر تشقه وتمخر عبابه بلا قائد يقودها ولا سائق وإنما قائدها وسائقها الريح التى سخرها الله لإجرائها ، فإذا حُبست عنها الريح ظلت راكدة على وجه الماء فذاك قول الله تعالى { ومن آياته الجوار فى البحر كالأعلام إن يشأ يُسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن فى ذلك لآيات لكل صبّـار شكور } الشورى 32 – 33 .

فى أواخر القرن 19 الميلادى صنع الإنجليز باخرة عظيمة كانت فخر صناعتهم كما يقولون ، ثم انطلقت فى رحلة ترفيهية حاملة على متنها علية القوم ونخبة المجتمع – كما يصفون أنفسهم – وقد بلغ الفخر والغرور ببُـناة السفينة درجة كبيرة فسموها الباخرة التى لا تُقهـر – بل إن أحد أفراد طاقمها قال بما ترجمته ( حتى الله نفسه لا يستطيع أن يُغرق هذا المركب ) جلّ الله وتعالى وتقدس لا يعجزه شئ فى الأرض ولا فى السماء ، وفى اليوم الثالث من سيرها فى المحيط الأطلسى إصطدمت بجبل جليدى عائم ففتح فيها فجوة بطول 90 متر ، وبعد ساعتين وربع تستقر الباخرة التى لا تُقهر فى قعر المحيط ومعها 1504 راكب وحمولة بلغت 46 ألف طن .

وتأمل معى كيف مد الله البحار وخلطها ومع ذلك جعل بينها حاجزاً ومكاناً محفوظاً فلا تبغى محتويات بحر على بحر ولا خصائص بحر على بحر عندما يلتقيان .. فى إيران أنهار عندما تلتقى بمياة البحر ترجع عائدة الى مجاريها التى أتت منها ..  وتلتقى مياة المحيط الأطلسى بمياة البحر الأبيض فتبقى مياة البحر الأبيض أسفل لثقلها ولكثرة ملحها وتعلو مياة المحيط لخفتها ، وكلٌ فى مجراه ، {  فتبارك الذى مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخاً وحجراً محجوراً } الفرقان 53

عجائب خلق الله فى مخلوقاته :

قال : انظر وتأمل تلك النملة الضعيفة ترى عبراً وآيات باهرات تنطق بقدرة رب الأرض والسماوات : تنقل الحبَّ الى مساكنها وتكسره حتى لا ينبت إذا أصابه بلل وتُخرجه الى الشمس إذا خافت عليه من العفن ثم ترده الى بيوتها .. كما أنها تعتنى بالزراعة وفلاحة الأرض : تشق الأرض وتحرثها وتزيل الأعشاب الضارة وتنظف الأرض ثم تتسلق الشجر وقت الحصاد وتذهب بها الى مخازنها ، بل إن لها مدافن جماعية تدفن فيها موتاها ، وفوق هذا تعرف ربها وتعرف أنه فوق سماواته مستوٍ على عرشه بيده كل شئ ..

روى الإمام أحمد فى الزهد من حديث أبو هريرة رضى الله عنه يرفعه ، قال : خرج نبى من الأنبياء بالناس يستسقون فإذا هم بنملة مُستلقية على ظهرها رافعة قوائمها الى السماء تدعو ربها ، فقال : إرجعوا فقد سُقيتم بغيركم ( رواه الدارقطنى فى سننه والحاكم فى المستدرك وصححه الألبانى فى المشكاة )

ومن عجيب أمر القردة ماذكره البخارى فى صحيحه عن عمرو بن ميمون قال : رأيت فى الجاهلية قرداً وقردة زنيا ، فأجتمع عليهما القرود فرجموهما حتى ماتا .. – رواه البخارى فى مناقب الأنصار – عجباً لها قرود تُقيم الحدود حين عطّلها بعض بنى آدم !!  إن هدايتها فوق هداية أكثر الناس !!

وأغرب من ذلك أن الحيوانات فيها مشاعر الإحساس بالذنب وتعاقب نفسها على ذلك ، ومن ذلك ما ذكره أبو عبيدة معمر بن المثنى فى كتاب الخيل ( له من طريق الأوزاعى ) أن مُهراً أنزى على أُمه ليلقحها فأمتنع ، فأُدخلت فى بيت وجللت ( أى : غطوها ) بكساءٍ فأنزى عليها فنزى ، فلما شم ريح أمه عمد الى ذكره فقطعه بأسنانه من أصله . فتح البارى 7 / 161 ..

ومن عجيب أمر الفأرة ما ذكره صاحب كتاب ( العقيدة فى الله ) أنها إذا شربت من الزيت الذى فى أعلى الجرة ينقص ويعز عليها الوصول إليه فى أسفل الجرة  فتذهب وتحمل فى أفواهها الماء ثم تصبه فى الجرة حتى يرتفع الزيت فيقترب منها ثم تشربه .. من علمها ذلك ؟ !!  إنها لم تتعلم الكثافة وموازينها ولم تتعلم أن الماء أثقل من الزيت فيعلو الزيت على الماء .. فمن علمها هذا ؟ !!  إنه الله ، أحق من عُبد وصُلى له وسُجد .

سبحان من يُجرى الأمور بحكمة فى الخلق بالأرزاق والحرمان ..

وتأمل معى النحل : فهى مأمورة بالأكل من كل الثمرات بخلاف كثير من الحشرات التى تعيش على نوع معين من الغذاء وتعجب أنها لا تأكل من التبغ ، فلا تأكل إلا الطيبات ، فهل يعتبر بذلك أهل العقلات !!

ومما يُذكر أن ألدّ أعداء النحل هو الفأر يُهاجم الخلية فيشرب العسل ويلوث الخلية فماذا تفعل النحلة الصغيرة أمام الفأر الذى هو لها كجبل عظيم  ؟  إنها تُطلق عليه مجموعة من العاملات فتلدغه حتى يموت . لكن : كيف تُخرجه ؟  إن بقى أفسد العسل ولوث أجواء الخلية ، ولو إجتمع نحل الدنيا كله على إخراجه ما استطاع . فماذا يفعل ؟؟

جعل الله عز وجل له مادة شمعية يفرزها ويُغلف بها ذلك الفأر فلا ينتن ولا يتغير ولو بقى ألف عام حتى يأتى صاحب الخلية فيُخرجه .. فسبحان من خلق فسوى وقدّر فهدى ..

فيا عجباً من مضغة لحم أقسى من الجبال تسمع آيات الله تُتلى فلا تلين ولا تخشع !!

 

 

لله فى الآفـــاق آيـات لعـل أقـلها هو ما إليـه هـداكا

ولعل مافى النفـس من آيـاته عجب عجـاب لو تـرى عيناكا

والكون مشحون بأسـرار إذا حاولت تفســيراً لها أعيـاكـا

قل للمريض نجا وعوفى بعدما عجزت فنون الطب : من عافاكا ؟

قل للصحيح يموت لا من علةٍ : من بالمنايا يا صـحيح دهـاكا ؟

وإذا ترى الثعبان ينفث سمه فأسأله : من ذا بالسـموم حشـاكا  ؟

وأسـأله كيف تعيـش يا ثعبـان أو تحيا وهذا السـم يملأ فاكا ؟

وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداً ، وقل للشهد من حلاكا؟

بل سـائل اللبن المصـفى كان بين دمٍ وفرث مالذى صـفّاكا ؟

قل للهواء تحسه الأيدى ويخفى عن عيون النـاس : من أخفاكا ؟

وإذا رأيت النبت فى الصحراء يربو وحده فأسـأله من أرباكا ؟

قل للمرير من الثـمار من الذى بالمُـر دون الثـمار غـذّاكا ؟

وإذا رأيت النخل مشقوق النوى فأسأله من يا نخل شـق نواكا ؟

سـتجيب مافى الكون من آياته عجب عُجـاب لو ترى عيناكا

ربى لك الحمـد العظيم لذاتـك حمـداً وليـس لواحـدٍ إلاكا

يا مدرك الأبصـار والأبصـار لا تـدرى له ولكنهه إدراكا

إن لم تكن عينى تراك فإننى فى كل شـئ أسـتبين عُـلاكا

يا أيها الإنسـان مهلاً ما الذى بالله جـل جـلاله أغراكا ؟!! 

إنه الله { الذى أحسن كل شئٍ خلقه } لا إله إلا هو ، أنت من آياته ، والكون من آياته ، والآفاق من آياته تشهد بوحدانيته .. سبحان الله ..

جمع وترتيب  ام شهاب  هالة يحيى صادق


============

السنن الربانية {أ. د. أحمد معاذ حقي العلواني}

منقول بتصرف  من  https://sy-sic.com/?p=7556  
السنن الربّانيّة/ أ. د. أحمد معاذ حقي العلواني – أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة الزهراء
إن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون وَفق سنن، وهذه السنن هي القوانين التي أودعها الله في هذا الكون، وأخضعه لها بما فيه من مخلوقات؛ لتكون تلك السنن حاكمة لكل صغيرة وكبيرة، وتتصف تلك السنن بمجموعة من الصفات التي تعطيها صفة القانون الرياضي الصارم، فهي من جهة لا تتبدل ولا تتحول، ومن جهة أخرى مطردة، تتكرر على الوتيرة نفسها كلما توفرت الشروط، وانتفت الموانع {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [سورة الأحزاب: آية 62].
وهذه السنن والقوانين هي وفق إرادة الله ومشيئته النافذة، ولذلك لا تختل، ولا تتبدل، ولا تحابي أحدًا، {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [سورة القمر: آية 49]، ويعلمنا القرآن الكريم أن للتقدم قوانينه وسننه، وأن التخلف والتأخر ليسا إلا ثمرة لغياب هذه السنن والقوانين، فليس التقدم أماني وأحلامًا للكسالى والقاعدين، حتى لو حسنت منهم النيات، وصحت لديهم المعتقدات النظرية، فحتى الإيمان الديني لا يكتمل إلا إذا جاء العمل ليجسد التصديق، وشواهد القرآن الكريم على هذه الحقيقة تتعدى اقتران الإيمان بالعمل في آياته الكريمة الكثيرة – وهو ملحظ له دلالته الكبرى – وإنما نرى هذه الشواهد في مثل قوله سبحانه وتعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [سورة النساء: آية 123] ([1]).
إن معرفة هذه السنن جزء من معرفة الدين، وهي معرفة ضرورية، ومن الواجبات الشرعية؛ لأنها تبصرنا بكيفية السلوك الصحيح في الحياة حتى لا نقع في الخطأ([2])، ثم إن اكتشافها وحسن التعامل معها ضروري لعملية الاستخلاف وعمارة الأرض التي كلفنا الله تعالى بها، والعصبة المؤمنة مأمورة باكتشافها وحسن التعامل معها، فهذا ذو القرنين الملك المؤمن يسر الله له أسباب التمكن والملك والسلطان، فسلك الطريق الذي يسره الله له([3]) {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا} [سورة الكهف: آية 84 و85].
سبيل المعرفة بالسنن الكونية
مما ينبغي التنبيه عليه أنه لا يوجد علم فلسفة التاريخ، وإنما هناك محاولات من الفلاسفة والمؤرخين والاجتماعيين لفهم أسباب قيام الحضارات واندثارها، وكلها محاولات لم تصل إلى حد وضع قواعد أو قوانين أو حتى خطوط عريضة واضحة تُعين أو تساعد على تعريفنا بالطريق الصحيح الذي ينبغي على البشر أن يسيروا فيه لبناء مجتمع يُوفّر أسباب السعادة للبشر، واختلاف المؤرخين والفلاسفة في ذلك هو دليل على عدم وضوح الرؤية، ورغم أن توينبي([4]) هو أكبر من حاول فلسفة التاريخ في عصرنا، لم يقل قط إنه فيلسوف تاريخ، وأحسن ما قيل فيه إنه شاعر
والسبب في عدم إدراك هذه السنن يعود بالدرجة الأولى إلى أن العقل البشري لا يمكن أن يستقل بهذه المعرفة ابتداء، فلا بُدَّ من فهم القرآن الكريم أولًا باعتباره الكتاب المقروء الذي أخبرنا خالق الكون عن هذه السنن فيه، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [سورة ص: آية 29] فهو مصدر لبيانها، وثانيًا: لا بد من إعمال العقل في الكتاب المرئي – الكون – لاستنباط السنن، ولذلك يدعونا القرآن الكريم إلى النظر والتفكر في تضاعيف السماوات والأرض لاستنباط السنن، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [سورة الحج: آية46]، ويأمرنا بالسير في الأرض والتدبر في الحضارات وتقلبها، والاستفادة من تجربتها، ولو كانت حضارة كافرة حتى لا نقع في أخطائها، {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [سورة آل عمران: آية 137]، {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [سورة الروم: آية9]، فلا بد من العقل المستنير بنور الوحي أن يتبصر في تاريخ الأولين وسيرهم لاستنباط العبر والسنن الربانية ، بينما العقل المجرد البعيد عن نور الله تعالى يقع في أخطاء فادحة؛ لأنه يفسر الظواهر تفسيرًا سطحيًّا كما قال الحق عز وجل: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [سورة الروم: آية7].
ومن جهة أخرى فإن الحياة البشرية تجري بمقتضى سنن أجراها الله في خلقه، ثبتها سبحانه وتعالى لتنظيم الحياة البشرية، وكثير منها تكون أطول مدى في تحققها من حياة الفرد القصيرة المحدودة، وخاصة ما يتعلق منها بالجماعات البشرية، ولما كانت السنن الإلهية طويلة المدى في تحققها وجب علينا ألا نستخرج النتائج خلال جيل أو جيلين؛ لأننا سنقع في أخطاء منهجية، لهذا وجهنا الله سبحانه وتعالى إلى تدبر التاريخ، واستخراج العبر منه؛ إذ التاريخ هو المجال الواقعي الذي تحققت فيه السنن الربانية من قبل، {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سورة العنكبوت: آية٢٠].
فما لايدرك الإنسان تحققه في فرصة عمره المحدود يستطيع أن يراه متحققًا في التاريخ، ونحن مأمورون بتدبر هذه السنن واتباعها، وهي متصلة بالعقيدة كما هي متصلة بالعوالم الإنسانية؛ لأن الله هو الذي أجراها، وهو وحده يستطيع أن يخرقها، ومن هنا تختلف حتمية السنن الربانية عن الحتمية المادية، أو الحتمية التاريخية التي اصطبغها ماركس([7])، أو الحتمية النفسية التي اصطبغها فرويد([8])، أو الحتمية الاجتماعية التي اصطبغها دوركايم([9])، التي تلغي كلها إيجابية الإنسان إزاء الضغوط الواقعة عليه خارج كيانه، أو من داخل كيانه، وتجعله عبدًا ذليلًا للأوضاع المادية، وفرق كبير بين حتمية السنن الربانية – على هذه الصورة – المؤكدة لإنسانية الإنسان، وإيجابياته، والاعتراف بوعيه، وحريته، وإرادته، {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [سورة الشمس: آية 7-10 ]، وبين الحتميات الزائفة التي أتت بها الجاهلية المعاصرة.
نماذج من السنن الإلهية
لعلنا نشير إلى بعض هذه السنن التي ذكرها الحق في كتابه ليرتكز عليها العالم المؤمن حين ينظر في تضاعيف السماوات والأرض لاستنباط السنن الكونية، منها:
1- حيادية القوانين الربانية: من السنن العامة أن الله يعطي على الجهد في الدنيا للمؤمنين والكافرين سواء على قدر ما يبذلونه من الجهد بالطريقة الصحيحة قال تعالى {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [سورة الإسراء: آية20]، وهذا يعني أن التمكين في الدنيا ليس في ذاته مقياسًا للخيرية، وإلا لكان المغول – الذين هجموا على الشرق وأزالوا دولًا ودكُّوا حضارات – خير الناس، وإن كنا مأمورين بأن نبلغ التمكن فيها أيضًا، كما أن التمكين في الأرض والاستمرار في التمكين من لوازم الإيمان، {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [سورة الأنبياء: آية105]، وهذا يعني أيضًا أن الاستمرار في التمكن لا يمكن أن يحصل مع الكفر؛ لأنه لا يملك أدوات الاستمرارية، بل فيه بذرة الفناء والدمار.
2- سنن الله في الاختلاف: من القوانين والسنن سنن الاختلاف، ومن حاول أن يجعل الناس أمة واحدة فمرده إلى الفشل، قال سبحانه وتعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [سورة هود: آية118]، 

 

= فالله عز وجل يبين لرسوله صلى الله عليه وسلم ولو شاء ربك يا محمد لجعل الناس كلها جماعة واحدة على ملة واحدة ودين واحد، قال قتادة: لجعلهم مسلمين كلهم، وقوله: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} أي ولا يزال الناس مختلفين، {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [سورة هود: آية١١٩]، قال بعض أهل التأويل: هو الاختلاف في الأديان، فتأويل ذلك على رأي هؤلاء: ولا يزال الناس مختلفين على أديان شتّى من بين يهودي، ونصراني، ومجوسي، ونحو ذلك([10]).
ومع ذلك نحن مأمورون بالدعوة قطعًا للعذر وإبراءً للذمة، {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [سورة الأعراف: آية164].
3- سنن الله في التداول: من السنن الربانية سنة التدافع، قال الله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ} [سورة البقرة: آية٢٥١]، وقال: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} [سورة الحج: آية٤٠].
ومن هنا فإن العلو في الأرض لا ينحصر في شعب دون شعب، ولا في قوم دون قوم، {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [سورة آل عمران: آية١٤٠]، إن المداولة توحي بالحركة الدائمة وبالتجدد وبالأمل، وتقرر أن الأيام ليست ملكًا لأحد، ومن ثم لا داعي لليأس والهزيمة، فمن هم في القمة ستنـزل بهم حركة الأيام إلى الحضيض، ومن هم في القاع الآن ستصعد بهم الحركة نفسها إلى القمة، إن المداولة القرآنية تحمل كافة جوانب إيجابيتها التاريخية: حركة العالم المستمرة، وتمخّض الصراع الفعال، وديمومة الأمل البشري الذي يرفض الحزن والهوان([11])، ولقد آمن كثير من المؤرخين وفلاسفة الحضارة بظاهرة التعاقب الحضاري، حتى غدت عندهم حقيقة ثابتة لا مراء فيها، والحق أنها قاعدة يجب أن تكون متفقًا عليها، وهي سنة الله في خلقه، وهذا أمر ثابت منذ كان للحضارة وجود، وإلا لكانت الإنسانية عرفت حضارة واحدة، فظلت قائمة منذ الأزل إلى ما شاء الله، ثم عاشت الإنسانية في ظلام. فتعاقب الحضارات والأمم والتبدل بين القوة والضعف على مسرح التاريخ؛ شاهد على سنة الله في خلقه، وقد غدت فكرة دورات التاريخ وتداول الحضارة من أهم الأفكار والنظريات التي حظيت باهتمام فلاسفة الفكر الحضاري لدى الغرب ابتداءً من فلاسفة اليونان، ومرورًا بالفكر الكنسي وانتهاء بالعصر الحديث في أوربا، وإن اختلفت في تفسير أسباب سقوط الحضارات([12]).
4- شروط الاستخلاف في الأرض: إن السنن الخاصة بقيام الأمم وزوالها من أهم ما نقرؤه في القرآن الكريم في هذا الباب، وهي من أهم ما يحتاجه المجتمع المسلم اليوم، نظرا للأفكار والتصورات الخاطئة التي امتلأت بها عقول البعض.
من هذه السنن أن الاستخلاف في الأرض يكون بالإيمان والعمل الصالح، قال سبحانه وتعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [سورة النور: آية 55]، والاستخلاف في الأرض غير مقصور على عهد الصحابة والخلفاء الراشدين، وإنما هو ثابت من الله تعالى، وسنة مطردة([13]).
وإنَّ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بداية لسقوط حضاري، {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } [سورة المائدة: آية 78 – 79] لأنه حينئذٍ سيستشري الفساد في الأرض، ثم سرعان ما يزول الاستخلاف، قال سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [سورة الأنفال: آية٥٣]، لقد هلكت أمم وزالت دول بسبب انغماسهم في الترف والشهوات([14])، {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [سورة الإسراء: آية16].
5- الكفر والمعاصي والذنوب سبب لهلاك الأمم: إذن فانتهاء الحضارات ما هي إلا نتيجة حتمية للكفر والذنوب، والفسق، والظلم، والمعاصي، هذه سنة الله في خلقه، {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ} [سورة النحل: آية112 و113]، وقال: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [سورة العنكبوت: آية40]، وقال: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة الأنفال: آية 52].
وإن نهاية الظلم وشيكة، وعاقبته وخيمة، فهو منذر بزوال العمران، وكما يقال: فدولة الظلم ساعة، ودولة العدل إلى قيام الساعة، {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ} [سورة إبراهيم: آية13]، وعاقبة المكذبين وخيمة {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [سورة الأنعام: آية11]، والشرك عاقبته دمار وهلاك، {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ} [سورة الروم: آية42]، والعاقبة للمتقين {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} [سورة النور: آية٥٥].
إن الباطل لا يدوم؛ لأنه ليس له في الواقع ما يؤيده ويؤازره، فإذا جاء الحق فلا يلبث أن يدفع الباطل، وتكون العاقبة للحق، {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقً} [سورة الإسراء: آية81]، ومن المعروف أن الباطل لا يملك أدوات الاستمرار والتمكين في الأرض؛ باعتباره لا يملك الميزان والضابط الذي ينجيه من الانحراف والغرور والمعاصي، وكلها مهلكات، {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [سورة الرعد: آية١٧]، “فالأخطاء المتراكمة هي السبب الحقيقي الذي يدمر الحضارة ويوقف دورانها، ويأذن لغيرها بالقيادة، حتى تموت الأمم وتسقط الحضارات من داخلها قبل أن يسقطها أعداؤها.. وقدرة الأعداء في التغلب إنما تكون فاعلة عندما تجد الاستعداد والضعف الذي يمكِّن لها، والأخطاء الذاتية المتراكمة التي تحصرها قبل أعدائها، {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [سورة البقرة: آية81]، ومن سنن الله أن جعل الظلم الاجتماعي سببًا في دمار الاقتصاد، {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} [سورة القلم: آية 17-20]“([15]).
6 – سنن الله في الترف والمترفين: من رحمته سبحانه وتعالى بالناس أنه لم يرد بسط الرزق لهم جميعًا؛ لأنه يفضي إلى المفسدة([16]) {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} [سورة الشورى: آية27]، ولقد هلكت أمم وزالت دول بسبب انغماسها في الترف والشهوات {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} [سورة الإسراء: آية16].
مقوِّمات بقاء الحضارة الإسلامية
الحضارات والأمم كالبشر، تمر بحالات من الضعف والقوة، بل إن بعض الحضارات تموت، وتبقى أثرًا بعد عين، وخبرًا يروى في بطون الكتب، {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [سورة النمل: آية52]، والتداول بين الأمم من سنن الله الكونية {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [سورة آل عمران: آية١٤٠]، ولكلٍ من نشأة الحضارة وانهيارها أو اندثارها سننها وأسبابها.
إن الأمة الإسلامية ليست بدعًا من الأمم في خضوعها لهذه الدورات الحضارية من ضعف ومن ثم نهوض واسترجاع للقوة ثم ضعف تعقبه قوة، ولكن مما امتازت به هذه الأمة عن كثير غيرها أنها لا تموت، وهي باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ لأن الله سبحانه وتعالى جعل فيها بذرة الديمومة والبقاء والإصلاح الذاتي من خلال عوامل كثيرة سأذكر أهمها.. منها:
1- تكفل الله سبحانه بحفظ كتاب هذه الأمة: وهذا دليل على بقائها {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [سورة الحجر: آية9]، إن هذا القرآن العظيم هو الذي يحفظ هذه الأمة، ولولاه لضاعت الأمة منذ آماد بعيدة، ولا أدلَّ على ذلك من أن هذه الأمة تتلاشى في آخر الزمان عندما يُرفع كتابُ الله، كما أشار إليه الحديث المروي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يَدْرسُ([17]) الإسلامُ كما يَدْرسُ وَشْيُ([18]) الثوب حتى لا يُدْرَى ما صيامٌ، ولا صلاةٌ، ولا نسكٌ، ولا صدقة، ولَيُسْرَى على كتاب الله([19]) عز وجلّ في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آيةٌ، وتبقى طوائف من الناس: الشيخُ الكبيرُ والعجوزُ يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها))، فقال له صِلَةُ: ما تُغْني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاةٌ، ولا صيامٌ، ولا نسكٌ، ولا صدقة، فأعرض عنه حذيفةُ، ثم ردها عليه ثلاثًا، كُلّ ذلك يُعْرِضُ عنه حذيفةُ، ثم أقبل عليه في الثالثة، فقال: يا صِلَةُ تُنجيهم من النار ثلاثًا))([20])، فالقرآن يوقظ فينا بواعث النهضة والعمل.
2- من طبيعة هذه الأمة أنها لا تجتمع على ضلالة: بشهادة الصادق المصدوق المؤيد بخبر السماء، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن أمتي لا تجتمع على ضلالة))([21])، وقال أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه: (عليكم بتقوى الله ولزوم جماعة محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى لن يجمع جماعة محمد على ضلالة)([22])، وهذه الميزة باقية في هذه الأمة لبقاء مصدر التشريع الكتاب والسنة، قال ابن عباس رضي الله عنه: (تضمن الله لمن قرأ القرآن واتبع ما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة) ثم تلا هذه الآية: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} [سورة طه: آية123]([23]).
3- استمرار طائفة أهل الحق فيها: ستظل طائفة من هذه الأمة على الحق، يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، حتى يأتي أمر الله لا تأخذهم في الله لومة لائم، ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك))([24]).
4- عوامل التجديد باقية في هذه الأمة: وذلك برجال يرسلهم الله على رأس كل قرن ينتشلون الناس مما هم فيه من بعد أو ضياع، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد أمر دينها))([25]).
5- حفظُ هذه الأمة من الهلاك: الله سبحانه وتعالى لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلًا يمحو به دولة الإسلام، ويذهب آثارهم، ويستبيح بيضتهم([26])، {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [سورة النساء: آية141]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، يستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها – أو قال من بين أقطارها – حتى يكون بعضهم يهلك بعضًا، ويسبي بعضهم بعضًا))([27])، قال الإمام النووي: (أي لا أهلكهم بقحط يعمهم بل إن وقع قحط فيكون في ناحية يسيرة بالنسبة إلى باقي بلاد الإسلام فلله الحمد والشكر على جميع نعمه)([28]).
والتاريخ يشهد أن هذه الأمة أصابتها نكسات ونكبات كبرى، منذ نشأتها وإلى اليوم، حتى ظن الظانون بها ظن السوء، وابتلي المؤمنون، وزلزلوا زلزالًا شديدًا، ولكن الأمة استطاعت أن تتغلب على عوامل الضعف من الداخل، وعوامل الغزو من الخارج، وأن تحول الهزائم المرة إلى انتصارات، وتصير إلى قوة بعد ضعف، وتتوحد الأمة بعد أن كانت شتاتًا وأشلاء ممزقة مبعثرة.
واليوم تجتاز الأمة مرحلة من أسوأ المراحل التي مرت بها، ويمكن أن نطلق عليها مرحلة الغثائية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة على قصعتها)) فقال قائل: أو من قلة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينـزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن))، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت))([29])، وهذه كسابقتها ستمر بلا شك، وسيمكن الله لدينه مرة أخرى في الأرض تحقيقًا لوعده {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [سورة الأنبياء: آية105]، والمطلوب منا في هذه الآونة أن نعرف حقيقة هذه الأزمة، ونبحث عن سبل الخروج منها.
إن الواجبات الملقاة على عاتقنا للخروج بالأمة الإسلامية من أزمتها الحالية كثيرة وجليلة، وإن أولها هو الجلوس أمام القرآن الكريم لنقرأه ونعيه كما أراد ربنا ونعمل به، فهو يرمي إلى بناء الإنسان والمجتمع والدولة وإعمار الأرض وبناء الحضارة.. وفيه بيان السنن الربانية، والقوانين الكونية عن قيام الحضارات وازدهارها وسيرها في طريق القوة والنضج، كما يحث المسلمين على التمسك بها لتكون قيادة العالم في أيديهم، ويبين لهم عوامل هلاك الحضارات واندثارها بعد القوة، ويهددهم بسوء العاقبة إن هم تساهلوا أو انحرفوا عن الجادة.
أنزل الله هذا القرآن الكريم لينشئ أمة راشدة يسلمها قيادة البشرية، لتنأى بنفسها وبالأمم عن التيه والضياع، “لقد جاء النص القرآني – ابتداءً – لينشئ المقررات الصحيحة التي يريد الله أن تقوم عليها تصورات البشر، وأن تقوم عليها حياتهم، وأقل ما يستحقه هذا التفضل من العلي الكبير، وهذه الرعاية من الله ذي الجلال – وهو الغني عن العالمين – أن يتلقوها وقد فرغوا لها قلوبهم وعقولهم من كل غبش دخيل، ليقوم تصورهم الجديد نظيفًا من كل رواسب الجاهليات – قديمها وحديثها على السواء – مستمدًا من تعاليم الله وحده، لا من ظنون البشر، التي لا تغني من الحق شيئًا”([30])، ولعل من نافلة القول أن نذكر أن غياب التدبر القرآني والفقه القرآني هو السبب الكامن خلف الغياب الحضاري لهذه الأمة.
([1]) (هل الإسلام هو الحل لماذا وكيف) محمد عمارة: ص 39
([2]) راجع (السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية)، عبد الكريم زيدان: ص 16
([3]) راجع (تفسير القرآن العظيم) ابن كثير: ص 1170
([4]) أرنولد توينبي مؤرخ وفيلسوف إنكليزي معاصر، توفي سنة 1957م. راجع (مدخل إلى تاريخ الحضارة) شحادة الناطور وآخرون: ص 46
([5]) راجع (الحضارة دراسة في أصول وعوامل قيامها وتطورها) حسين مؤنس: ص 8-9
([6]) لتوضيح هذه المسألة أقول إن العلماء الغربيين الذين حاولوا البحث في بدايات الإنسان أمثال (توينبي) نظروا إليه على أنه كان أقرب ما يكون إلى حيوان لا يعلم شيئًا، وهذه النتائج التي توصل إليها تخمينات، وتعارض نصوص الوحي التي تخبرنا أن الإنسان كانت تشمله عناية الله ورحمته منذ أن خلقه، وهذا مبحث جليل والأدلة عليه كثيرة، ومنها لما قتل أحد ابني آدم أخاه علّمه ربه عن طريق الغراب كيف يواري أخاه، {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِين} [ المائدة: 31] وعلى هذا المفهوم أنكر حسين مؤنس على ابن حزم قوله: إن هذه العلوم من ميراث علم النبوة، لاشك أن كثيرًا من العلوم أسس بنيانها الأنبياء ثم أضاف البشر على ذلك من خبراتهم، فنوح u أوحي إليه في كيفية صناعة السفينة، {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ} [هود: 37]، والدروع أول من صنعها داود u، {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} [الأنبياء: 80]، ولا شك أن الناس بعد ذلك طوروا صناعة الدروع.
([7]) كارل ماركس (1818م – 1883 م) مفكر اقتصادي، ولد من عائلة يهودية تسكن ألمانيا، صاحب نظرية المادية التاريخية، وحاول تفسير أحداث التاريخ على أساس العوامل المادية وحدها، راجع (موسوعة الفلسفة) عبد الرحمن بدوي:2 /407-418
([8]) فرويد (1856- 1939م) ولد من أسرة يهودية، وهو مؤسس التحليل النفسي، والفكرة الأساسية التي يقوم عليها مذهبه أن الغرض الأساسي من كل فعل يقوم به الإنسان هو تحصيل أكبر لذة، وجعل الألم أقل ما يمكن، ورأى أن السلوك الإنساني يتجه نحو السعادة بمعنى تحصيل أكبر لذة، أو إشباع الحاجات الحسية. راجع (موسوعة الفلسفة) عبد الرحمن بدوي: 2 / 122- 123
([9]) دور كايم (1858- 1917م) فيلسوف اجتماعي ولد في فرنسا من أسرة يهودية، وتتلخص فلسفته في أن الواقعة الاجتماعية لا تفسر إلا بواقعة اجتماعية أخرى، وهذا يعني أنه لا يجوز رد الظواهر الاجتماعية إلى وقائع اقتصادية، وإلى أسباب أخرى جزئية. راجع (موسوعة الفلسفة) عبد الرحمن بدوي: 1 / 480- 482
([10]) تفسير الطبري: 7 / 137
([11]) “التفسير الإسلامي للتاريخ” عماد الدين خليل: ص 259
([12]) راجع “سنن القرآن قيام الحضارات وسقوطها” محمد هيشور: ص133-136
([13]) راجع (التفسير الكبير) الفخر الرازي، 8/ 413، و(السنن الإلهية) عبد الكريم زيدان: ص 180
([14]) راجع (حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية) محمد قطب: ص 92-102
([15]) (حتى يتحقق الشهود الحضاري) عمر عبيد حسينة: ص 48
([16]) – (التفسير الكبير) الرازي:9/ 598
([17]) يدرس الإسلام: درس الشيء والرسم دروسًا عفا وهلك، ومن درس الثوب درسًا إذا صار عتيقًا. راجع (لسان العرب) ابن منظور، مادة (درس)، 2/ 375
([18]) وشي الثوب: وشي الثوب وشيًا، وشيةً: حسنه، ووشاه: نمنمه، ونقشه، وحسنه. (لسان العرب) ابن منظور، مادة (وشي)، 6/ 447
([19]) وليسرى على كتاب الله: أي يذهب بالليل، قال أبو إسحاق في قوله تعالى: {والليل إذا يسر} قال: سَرَى يَسْري إذا مضى. راجع (لسان العرب) مادة (سري)، 3/ 282-283
([20]) رواه ابن ماجه في سننه: الفتن/ باب ذهاب القرآن، ح (4049)، والحاكم في المستدرك: الفتن، ح (8460)، وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
([21]) رواه ابن ماجه في سننه: الفتن / 8، ح (3950)، 2 / 1303، في الزوائد في إسناده أبو خلف الأعمى، واسمه حازم بن عطاء، وهو ضعيف، وقد جاء الحديث بطرق، قلت: وجاءت أحاديث صحيحة تؤكد هذا المعنى مثل حديث: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك).
([22]) رواه الحاكم في المستدرك: الفتن، ح (8545)، 4/ 552، وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
([23]) رواه الطبري، (تفسير الطبري): رقم (24400)، 8/ 479
([24]) رواه مسلم في صحيحه: الإمارة / 53، ح (1920).
([25]) رواه الحاكم في المستدرك: الفتن، 4/ 522. وسكت عنه الذهبي في التلخيص.
([26]) (الجامع لأحكام القرآن) القرطبي: 5/ 420
([27]) رواه مسلم في صحيحه: الفتن/ 5، ح (2889).
([28]) (صحيح مسلم بشرح النووي): 18/ 14
([29]) رواه أبو داود في سننه: الملاحم / 5، ح (4297)، وفي سنده مجهول وروي عند أحمد من طريق آخر وسنده قوي: 5/ 271.. (جامع الأصول): 10/ 28
([30]) – (خصائص التصور الإسلامي) سيد قطب: ص 15. 

============